مدونة تهتم بحكايات مرت بها صاحبتها في الواقع ربما تمس بعض الأفراد وتتوافق معهم وربما لا ولكنها تحكي واقعا من الحياة

LightBlog

الثلاثاء، 20 مايو 2014

شاى العصارى


لم تعد حياتى منظمة بمواعيد محددة كما فى بيت أبى ، حيث كانت لامى طقوس معينة فى الإستيقاظ فجرا لتقوم بشئون البيت  الخاصة بالفلاحة تشرف على حلب الجاموس وخروجه إلى الحقل ، ثم خض اللبن وفصل القشدة عنه ثم تسخينه ولفه بفوطة وتركه ليتحول إلى رايب يتم وضعه على حصيرة خاصة به ليتحول إلى قطع الجبن القريش اللذيذة ، بعدها تبدأ فى نوبة الصحيان لى ولأخوتى حتى نلحق بالمدرسة ، ويكون الفطار قد أعد تماما ، كل هذا ومؤشر الراديو من السادسة يعمل على اذاعة البرنامج العام تستمع إلى قرآن السادسة ، ثم تتوالى برامج الفترة الصباحية كلمتين وبس لفؤاد المهندس وربات البيوت وابلة فضيلة ، عندما تنتهى هذه الفترة الصباحية تكون امى قد انتهت من واجبات المنزل الصباحية لتأخذ راحة وتستمع لبرنامج من الحياة او اغرب القضايا فى ميعاد اعادته فى العاشرة صباحا ، وهى تجهز لوجبة الغداء التى لابد وأن يتم اعدادها قبل عودتنا من المدرسة ، فتقوم بتجهيز ادواتها ، وتقوم أختى الكبرى التى تزوجت مبكرا قبل انهاء دراستها بتقديم وابور الجاز أمامها لتبدأ فى اعداد الغداء ، قد يسبقه أحيانا تسييح السمن البلدى المعد فى البيت فى شكل اصابع من الزبدة الطازجة تضعها فى قدر على النار وتتركها حتى تتحول بعض ذراتها إلى اللون الاحمر الفاتح دليل على النضج ، وكان أبى يحب أن يأخذ بعض من هذا السمن المساح بالمغرفة منالرغاوى المتدفقة لاعلى فهى أخف من السمن ويشربها كمن يتجرع الماء العزب ، فهو يمتلك من الصحة ما يساعده على هضم هذا الكم من الدهون .
عند عودتنا من المدرسة يكون طعام الغداء قد اكتمل ويا حبذا لو كان المحشى ، فلا ننتظر أن تغرف فى أطبقا وإنما ننقض على الحلة او تقوم أمى بقلب الحلة كلها على صينية واسعة حتى يبرد سريعا ونتلقفة ساخنا طازجا ، كانت الشهية للطعام لا تتوقف لا ندرى هل لجمال الأكل أم كثرة العدد التى تضفى فرحة أثناء الأكل ، أم هى الطفولة البريئة التى لا تعرف معنى الحزن وما يخبئه القدر ،بعد الغداء ننتهى من نظافة البيت وغسل المواعين التى تم القضاء على مافيها من طعام تماما، ثم تأتى فترة الراحة ليكون شاى العصارى الذى اشتاق له كثيرا فى تمام الساعة الخامسة بلا تقديم أو تأخير وعادة يكون فى مدخل الباب الكبير الذى يفتح على الدهليز الجانبى حيث نسمات الهواء الرطبة التى تنعش الجسد المنهك من اعمال البيت ، ونقوم نحن بوضع الطبلية والبدء فى القيام بواجبات المدرسة التى دائما تنتهى مع آذان المغرب لنبدا فى استقبال ابى  العائد من الحقل لتبدا الفترة المسائية فى واجبات المنزل التى لا تنتهى ولكن النظام الذى تدار به الامور هو جمالها الذى اشتاق له .ِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق