مدونة تهتم بحكايات مرت بها صاحبتها في الواقع ربما تمس بعض الأفراد وتتوافق معهم وربما لا ولكنها تحكي واقعا من الحياة

LightBlog

الاثنين، 9 مايو 2016

الطباعة وريثة الوراقة (مجلة تراث )






 الطباعة وريثة الوراقة

*****************

عند الحديث عن الطباعة علينا أن نتعرف على مهنة حظيت بمكانة مهمة فى عالمنا العربى وهى ( الوراق ) وهى
مهنة كانت شائعة في البلاد الإسلامية في العصور الوسطى، وكانت تقوم آنذاك مقام مهنة الطباعة والنشر. تشتمل على أعمال النسخ والتصحيح والتجليد والتصوير والخط وتزويق الكتب وبيع الورق والأحبار وسائر أدوات الكتابة .
وقد وصفها البعض بقولهم أجود الصنائع بينما وصفها ابن خلدون بانها من امهات الصنائع الشريفة ولذلك كان الوراق يتصف بصفات معينة حتى يتولى أمر تلك المهنة ومنها كما وصف الجبرتى احد الوراقين فى كتابة (كان صالحا عفيفا ، امينا على عمله ، دقيقا فى صنعته ، ودودا مشفقا لطيف الذات ،خفيف الروح محبوب الطباع )وهنا يأتى السؤال مع اندثار مهنة الوراق او الناسخ وحلت الطابعة السريعة محلها هل استمرت تلك الاخلاق التى لابد وان يتصف بها كل عامل بتلك المهنة ام اندثرت معها ؟
سبقت الصين كلا من الفراعنة والبابلين والسومريين فى محاولات الطباعة البدائية على يد الوزير الصينى بى شينج الذى أخذ يبحث عن وسيلة يطبع بها رسائله الى الموظفين فى القرن الحادى عشر وتم فيها استخدام القوالب الخشبية حيث يتم حفر الحروف على القوالب ويتم تحبيرها والضغط عليها بالورق على الحروف البارزة ولكنها كانت طريقة مرهقة وتستغرق وقتا طويلا ،وقد سبقت الصين فى هذا المضمار كل من  الفراعنة والبابلين والسومرين فى محاولات للطباعة البدائية كالاختام التى صنعت من الحجرالناعم او الطين ثم تطورت الى استخدام المعدن وقد عثر عليها فى اماكن متفرقة وكان لكل ختم  دلالة مختلفة على اهمية المكان التابع له كخاتم الملك .
وعندما اتى عهد النهضة فى اوروبا وعلى يد حنا جوتنبرج  العامل البسيط فى صياغة ونقش الذهب كانت الانتقالة الحقيقية فى الطباعة فى منتصف القرن الخامس عشر فقد طور استخدام الخشب فى صناعة الحروف واستبدلها بالمعدن الرخيص كالرصاص ثم اضاف اليه القصدير ، وبدأ فى طباعة الكتاب المقدس واستغرق الامر عدة سنوات ثم انتشرت الطابعة بفضله فى كل انحاء اوربا .
اما فى العالم العربى فقد قيل ان المشرق العربى قد عرف الطباعة قبل الغرب من خلال التجار العرب الذين وصلو الى الصين ولكن النهضة الحقيقية للطباعة قد عرفت فى الغرب ثم انتقلت الى الشرق فى عهد الدولة العثمانية التى حاربت تواجدها طويلا خشية من طبع القرآن وتحريفه ولكن سرعان ما انتشرت المطابع فى استانبول وبلاد الشام ومصر التى اتى اليها الفرنسيون باول طابعة عام 1798 وظلت بمصر حتى 1801 حين انسحب الفرنسيون من مصر وظلت مصر نحو غشرين عاما بدون مطبعة حتى اتى محمد على وانشأ المطبعة الاهلية ببولاق عام 1821
ولكل مهنة ميثاق اخلاقى يحكمها ، وعندما كانت الكلمة أمانة منذ القدم فقد كانت الامانة من أولى صفات الوراق او الناسخ او صانع الكتب ، أمانته فى نقل ما كلف به دون تحريف ، وأمانته فى الكتابة بخط جميل مقروء ، وأمانته فى تجليد الكتاب وتذهيبه وتزيينه بشكل يليق بكاتبه ومحتواه ، وامانته فى بيعه والترويج لفكرته .
ومع التطور العلمى والتكنولوجى فى مجال الطباعة وانتشار دور النشر فى كل مكان نجد أننا فى احوج الاوقات لوضع ميثاق اخلاقى يحكم عملية الطباعة ونشر الكتب وغيرها فى ظل ما أصبح يعج به المجتمع من غث وسمين فى مجال النشر وتحويله إلى تجارة وربح وخسارة لا أكثر .





صورة ‏مجلة تراث‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق