يوميات باحث ميداني
إنتهى التدريب وقبضنا مكافأة عن عشرة أيام مع وعد
بالباقى بعد أسبوع، كان لابد وأن نذهب فى اليوم التالى إلى مقر مكتب الإحصاء فى
محافظة القليوبية لتسلم العمل ، كنا ثلاثة عشر هم من أنهو التدريب، وكان المطلوب
ثمانية أشخاص للعمل ، داخلنى الشك، رغم التزامى بالتدريب وحضوره كاملا إلا يوما
واحدا تخلفت فى جزء منه، لإجراء إختبار التقديم فى مهزلة مسابقة الثلاثين ألف معلم
التى أُعلن عنها فى نفس الفترة، وأنتهت على لا شئ كما بدأت بلاشئ والكل يلعن ويبقى
الحال كما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء لله الواحد القهار، فلا مدير يستمع، ولا
وزير يحل، وليس لدينا ما يكفى من أموال للجوء للقضاء، والصرف على المحامين .
فى الصباح الباكر اتجهت إلى مقر الجهاز بمنطقة المنشية
بالقليوبية، وجهونا نحو المكتب الثانى عند محطة القطار وبجوار محلات السبيلى، ذهبت
وأنا لا أعرف على أى أساس سوف ينتقون من يقوم بالعمل فالعدد أكبر من المطلوب، وهم
يمنون الكل بالعمل، شاءت الظروف أن أكون أول الحاضرينن ثم من حسن الصدف أيضا أن
تخلف أربعة عن الحضور، والواحدة التى حضرت أتت لتعتذر عن العمل فى الفترة الحالية
لإرتباطها برسالة الماجستير، هذا البحث يحتاج إلى تفرغ كامل وهو من الشروط التى
إستخف بها البعض، صرنا خمسة فتيات وثلاثة ذكور يبحثون عن الإستقرار بالعمل.
أحدهم علىّ
والآخر محامى تعب من ممارسة المهنة وهُضم حقه من قبل مكتب المحاماة الذى يعمل به،
والثالث شاب يبحث عن وظيفة، بعد أن خذلته دراسة اللغات والترجمة فى العثور على
وظيفة مناسبة، أما الفتيات فكن مسالمات يبحثن عن وظيفة فقط تعين على مصائب الدنيا ومصاعبها، ثلاث متزوجات
وواحدة مطلقة، وأخرى تريد تحقيق ذاتها فى الحياة أولا.
وبدأ توزيع
العمل، وهو عبارة عن: إطارات يحمل كل منها
عشرة من الأسر قادمة باسماء أصحابها من قِبل الجهاز، يقوم إختيارها على أسس معينة متعلقة بعينات تم
سحبها بناء على تعداد عام 2006، ولها متخصصين يقومون بهذه العملية بناء على مختطات
معينة، الإطار موزع على خمسة مناطق كل منطقة بها إثنين من الباحثين ومراجع واحد،
مهمته النزول مع الباحثين إلى الميدان منطقة البحث، وإيصال الباحث/ة إلى الأسرة ، وتقديمه
لها، وتعريفها بماهية البحث وأهميته، ثم يترك الباحث لتحصيل المعلومات التى تدرب
عليها ،
كان نصيبى من
العينة منطقة على الطريق السريع لمدينة
بنها .
اليوم الأول
للعمل الميدانى شبه ليلة الدخلة، معاملة إنسان غريب يكشف أسرارك الجسدية والنفسية،
يراك وقد تعريت من كل شئ ليس جسديا فقط بل روحيا أيضا ، عرى الجسد تستره ملائة، عرى
البيت لا يستره سوى كلمات مكتوبة بحبر ومنقولة على شاشة اللاب وبعدها لابد من
النسيان، ولكن كيف ننسى كل هذه الحالات التى رأينها تبث شكواها وتترجى الجواب
والحل؟ ، كيف ننسى تلك الجدران التى تتحدث أحيانا نيابة عن أصحابها؟ ، كيف ننسى
تلك العيون التى دمعت فى حالة حكى؟ ،أُنس بنا ، مسؤلية كبيرة ولكن لها شروط من
أهمها عدم التعاطف مع المبحوث على حساب البحث حتى يتسنى لنا الخروج بأرقام صحيحة
تعبر عن الحالة المعيشية للأسرة.
والسؤال المباشر
الذى نواجه به في كل أسرة فقيرة كانت أو غنية ، ميسورة الحال أو ضاقت بها الدنيا، (حتعملو
لنا إيه ؟ ) سؤال بين قوسين لا إجابة له نملكها والرد الدائم، نحن فقط نقوم بجمع
البيانات حتى تتمكن الحكومة من إتخاذ الإجراءات السليمة التى تخفف العبء على
المواطن، ونقول يارب .
يوميات باحث ميداني
************
الحمد لله هى الرد الدائم على أى سؤال يوجه للمبحوث فى
الميدان
دائما تقابلنا الزوجة، الزوجات في الأرياف معروف
عنهن التفرغ الدائم للمنزل ، الرجل الريفي لا يحب لزوجته أن تعمل وتختلط بالرجال، كما
كان في فترة ماضية، لا يحب الأباء تعليم بناتهن كى لا يختلطن بالشباب المايع في
المواصلات، خلق هذا جيلا من السيدات المُربيات يخشين أيضا على بناتهن، وكن عقبة
كبيرة فى سبيل تقدمهن الدراسي، هذا ما أثبته البحث الميدانى فى محافظات كثيرة فى
مصر، خاصة فى المناطق الريفية، دائما المرأة متسربة من التعليم، أو لم تدخل
المدرسة إطلاقا، ومعظم بناتهن لا يُحَصِّلن من التعليم سوى الدبلوم ذى الثلاث
سنوات التجارى أو الصناعى، والمعروف عن التعليم المتوسط أنه شهادة بلا تعليم ، سواء
للذكور أو الإناث، فهو كما يقال : تعليم نحو الأمية ، وليس محوها .
على كل نعود
لهؤلاء الأمهات ركيزة كل مجتمع ، ومنشئ أجياله على مر السنوات ، وكما يقال وراء كل
عظيم إمرأة ، كذلك وراء كل جيل مثقف وناهض بمجتمعه أيضا نساء كُثر ، بالفعل كنا نجد العديد منهن بلا
تعليم ، ولكنهن مع مر الزمن قد اكتسبن خبرة وحكمة قد تؤهل الواحدة منهن لإدارة
دولة ، ولكن فى مصرنا الحبيبة لا تصل المرأة إلا إلى منصب وزيرة التضامن الإجتماعى
، او وزيرة القوى العاملة على استحياء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق